من روائع القصص
قصص قصيرة خفيفة وطريفه تستحق القراءة
قصة الدرهم الواحد
يحكى أن امرأة جاءت إلى أحد الفقهاء، فقالت له: لقد مات أخي، وترك ستمائة درهم، ولما قسموا المال لم يعطوني إلا درهما واحدا! فكر الفقيه لحظات، ثم قال لها: ربما كان لأخيك زوجة وأم وابنتان واثنا عشر أخا. فتعجبت المرأة، وقالت: نعم، هو كذلك.فقال: إن هذا الدرهم حقك، وهم لم يظلموك: فلزوجته ثمن ما ترك، وهو يساوي (75 درهما)، ولابنتيه الثلثين، وهو يساوى (400 درهم)، ولأمه سدس المبلغ، وهو يساوي (100 درهم)، ويتبقى (25 درهما) توزع على إخوته الاثنى عشر وعلى أخته، ويأخذ الرجل ضعف ما تأخذه المرأة، فلكل أخ درهمان، ويتبقى للأخت- التي هي أنت- درهم واحد.
قصة القارب العجيب
تحدى أحد الملحدين- الذين لا يؤمنون بالله- علماء المسلمين في أحد البلاد، فاختاروا أذكاهم ليرد عليه، وحددوا لذلك موعدا. وفي الموعد المحدد ترقب الجميع وصول العالم، لكنه تأخر. فقال الملحد للحاضرين: لقد هرب عالمكم وخاف، لأنه علم أني سأنتصر عليه، وأثبت لكم أن الكون ليس له إله ! وأثناء كلامه حضر العالم المسلم واعتذر عن تأخره، ثم قال: وأنا في الطريق إلى هنا، لم أجد قاربا أعبر به النهر، وانتظرت على الشاطئ، وفجأة ظهرت في النهر ألواح من الخشب، وتجمعت مع بعضها بسرعة ونظام حتى أصبحت قاربا، ثم اقترب القارب مني، فركبته وجئت إليكم. فقال الملحد: إن هذا الرجل مجنون، فكيف يتجمح الخشب ويصبح قاربا دون أن يصنعه أحد، وكيف يتحرك بدون وجود من يحركه ؟! فتبسم العالم، وقال: فماذا تقول عن نفسك وأنت تقول: إن هذا الكون العظيم الكبير بلا إله ؟!
قصة المال الضائع
يروى أن رجلاً جاء إلى الإمام أبى حنيفة ذات ليلة، وقال له: يا إمام! منذ مدة طويلة دفنت مالاً في مكان ما، ولكني نسيت هذا المكان، فهل تساعدني في حل هذه المشكلة؟ فقال له الإمام: ليس هذا من عمل الفقيه؛ حتى أجد لك حلاً. ثم فكرلحظة وقال له: اذهب، فصل حتى يطلع الصبح، فإنك ستذكر مكان المال إن شاء الله تعالى.فذهب الرجل، وأخذ يصلي. وفجأة، وبعد وقت قصير، وأثناء الصلاة، تذكر المكان الذي دفن المال فيه، فأسرع وذهب إليه وأحضره.وفي الصباح جاء الرجل إلى الإمام أبى حنيفة ، وأخبره أنه عثر على المال، وشكره ، ثم سأله: كيف عرفت أني سأتذكر مكان المال ؟! فقال الإمام: لأني علمت أن الشيطان لن يتركك تصلي ، وسيشغلك بتذكر المال عن صلاتك.
قصة المرأة الحكيمة
صعد عمر- رضي الله عنه- يوما المنبر، وخطب في الناس، فطلب منهم ألا يغالوا في مهور النساء، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يزيدوا في مهور النساء عن أربعمائة درهم؟ لذلك أمرهم ألا يزيدوا في صداق المرأة على أربعمائة درهم.فلما نزل أمير المؤمنين من على المنبر، قالت له امرأة من قريش: يا أمير المؤمنين، نهيت الناس أن يزيدوا النساء في صدقاتهن على أربعمائة درهم؟ قال: نعم.فقالت: أما سمعت قول الله تعالى: {وآتيتم إحداهن قنطارا} ( القنطار: المال الكثير).فقال: اللهم غفرانك، كل الناس أفقه من عمر.ثم رجع فصعد المنبر، وقال: يا أيها الناس إني كنت نهيتكم أن تزيدوا في مهور النساء، فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب فليفعل.
قصة الخليفة الحكيم
كان عمر بن عبد العزيز- رضي الله عنه- معروفا بالحكمة والرفق، وفي يوم من الأيام، دخل عليه أحد أبنائه، وقال له:يا أبت! لماذا تتساهل في بعض الأمور؟! فوالله لو أني مكانك ما خشيت في الحق أحدا.فقال الخليفة لابنه: لا تعجل يا بني؛ فإن الله ذم الخمر في القرآن مرتين، وحرمها في المرة الثالثة، وأنا أخاف أن أحمل الناس على الحق جملة فيدفعوه (أي أخاف أن أجبرهم عليه مرة واحدة فيرفضوه) فتكون فتنة.فانصرف الابن راضيا بعد أن اطمأن لحسن سياسة أبيه، وعلم أن وفق أبيه ليس عن ضعف، ولكنه نتيجة حسن فهمه لدينه.
قصة ورقة التوت
ذات يوم جاء بعض الناس إلى الإمام الشافعي، وطلبوا منه أن يذكر لهم دليلاً على وجود الله عز وجل.ففكر لحظة، ثم قال لهم: الدليل هو ورقة التوت.فتعجب الناس من هذه الإجابة، وتساءلوا: كيف تكون ورقة التوت دليلاً على وجود الله؟! فقال الإمام الشافعى: "ورقة التوت طعمها واحد؛ لكن إذا أكلها دود القز أخرج حريرا، وإذا أكلها النحل أخرج عسلاً، وإذا أكلها الظبي أخرج المسك ذا الرائحة الطيبة.. فمن الذي وحد الأصل وعدد المخارج؟! ".إنه الله- سبحانه وتعالى- خالق الكون العظيم!
قصة العاطس الساهي
كان عبد الله بن المبارك عابدا مجتهدا، وعالما بالقرآن والسنة، يحضر مجلسه كثير من الناس؛ ليتعلموا من علمه الغزير.وفي يوم من الأيام، كان يسير مع رجل في الطريق، فعطس الرجل، ولكنه لم يحمد الله. فنظر إليه ابن المباوك، ليلفت نظره إلى أن حمد الله بعد العطس سنة على كل مسلم أن يحافظ عليها، ولكن الرجل لم ينتبه.فأراد ابن المبارك أن يجعله يعمل بهذه السنة دون أن يحرجه، فسأله:أي شىء يقول العاطس إذا عطس؟ فقال الرجل: الحمد لله!عندئذ قال له ابن المبارك: يرحمك الله.
قصة الرجل المجادل
في يوم من الأيام ، ذهب أحد المجادلين إلى الإمام الشافعي، وقال له:كيف يكون إبليس مخلوقا من النار، ويعذبه الله بالنار؟!ففكر الإمام الشافعى قليلاً، ثم أحضر قطعة من الطين الجاف، وقذف بها الرجل، فظهرت على وجهه علامات الألم والغضب. فقال له: هل أوجعتك؟قال: نعم، أوجعتني فقال الشافعي: كيف تكون مخلوقا من الطين ويوجعك الطين؟!فلم يرد الرجل وفهم ما قصده الإمام الشافعي، وأدرك أن الشيطان كذلك: خلقه الله- تعالى- من نار، وسوف يعذبه بالنار .
قصة الشكاك
جاء أحد الموسوسين المتشككين إلى مجلس الفقيه ابن عقيل، فلما جلس، قال للفقيه: إني أنغمس في الماء مرات كثيرة، ومع ذلك أشك: هل تطهرت أم لا، فما رأيك في ذلك؟فقال ابن عقيل: اذهب، فقد سقطت عنك الصلاة.فتعجب الرجل وقال له: وكيف ذلك؟فقال ابن عقيل:لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رفع القلم عن ثلاثة: المجنون حتى يفيق، والنائم حتى يستيقظ، والصبي حتى يبلغ ". ومن ينغمس في الماء مرارا - مثلك- ويشك هل اغتسل أم لا، فهو بلا شك مجنون.
قصة الطاعون
خرج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ذاهبا إلى بلاد الشام، وكان معه بعض الصحابة.وفي الطريق علم أن مرض الطاعون قد انتشر في الشام، وقتل كثيرا من الناس، فقرر الرجوع، ومنع من معه من دخول الشام.فقال له الصحابي الجليل أبو عبيدة بن الجراح: أفرارا من قدر الله يا أمير المؤمنين؟فرد عليه أمير المؤمنين: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة!ثم أضاف قائلاً: نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله؛ أرأيت لو أن لك إبلا هبطت واديا له جهتان: إحداهما خصيبة (أي بها زرع وحشائش تصلح لأن ترعى فيها الإبل)، والأخرى جديبة (أي لا زرع فيهما، ولا تصلح لأن ترعى فيها الإبل)، أليس لو رعيت في الخصيبة رعيتها بقدر الله، ولو رعيت في الجديبة رعيتها بقدر الله؟
قصة الخليفة والقاضي
طلب أحد الخلفاء من رجاله أن يحضروا له الفقيه إياس بن معاوية، فلما حضر الفقيه قال له الخليفة: إني أريد منك أن تتولى منصب القضاء. فرفض الفقيه هذا المنصب، وقال: إني لا أصلح للقضاء. وكان هذا الجواب مفاجأة للخليفة، فقال له غاضبا: أنت غير صادق. فرد الفقيه على الفور: إذن فقد حكمت علي بأني لا أصلح. فسأله الخليفة: كيف ذلك؟فأجاب الفقيه: لأني لوكنت كاذبا- كما تقول- فأنا لا أصلح للقضاء، وإن كنت صادقا فقد أخبرتك أني لا أصلح للقضاء .
قصة حكم البراءة
تزوجت امرأة، وبعد ستة أشهر ولدت طفلا، والمعروف أن المرأة غالبا ما تلد بعد تسعة أشهر أو سبعة أشهر من الحمل، فظن الناس أنها لم تكن مخلصة لزوجها، وأنها حملت من غيره قبل زواجها منه.فأخذوها إلى الخليفة ليعاقبها، وكان الخليفة حينئذ هو عثمان بن عفان- رضي الله عنه- فلما ذهبوا إليه، وجدوا الإمام عليا موجودا عنده، فقال لهم: ليس لكم أن تعاقبوها لهذا السبب. فتعجبوا وسألوه: وكيف ذلك؟ فقال لهم: لقد قال الله تعالى: (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) (أي أن الحمل وفترة الرضاعة ثلاثون شهرا). وقال تعالى: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) (أي أن مدة الرضاعة سنتين. إذن فالرضاعة أربعة وعشرون شهرا، والحمل يمكن أن يكون ستة أشهر فقط).
قصة المرأة والفقيه
سمعت امرأة أن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- لعن من تغير خلقتها من النساء، فتفرق بين أسنانها للزينة، وترقق حاجبيها.فذهبت إليه، وسألته عن ذلك، فقال لها: ومالي لا ألعن من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في كتاب الله.فقالت المرأة في دهشة واستغراب: لقد قرأت القرآن الكريم كله لكني لم أجد فيه شيئا يشير إلى لعن من يقمن بعمل مثل هذه الأشياء.وهنا ظهرت حكمة الفقيه الذي يفهم دينه فهما جيدا، فقال للمرأة: أما قرأت قول الله تعالى: { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}؟!أجابت المرأة: بلى، فقال لها: إذن فقد نهى القرآن عنه- أيضا-.
قصة الحق والباطل
سأل أحد الناس عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما- فقال له: ما تقول في الغناء؟ أحلال أم حرام؟فقال ابن عباس: لا أقول حراما إلا ما ذكر في كتاب الله أنه حرام.فقال الرجل: أحلال هو؟فقال ابن عباس: ولا أقول حلالاً إلا ما ذكر في كتاب الله أنه حلال.ونظر ابن عباس إلى الرجل، فرأى على وجهه علامات الحيرة.فقال له: أرأيت الحق والباطل إذا جاءا يوم القيامة، فأين يكون الغناء؟فقال الرجل: يكون مع الباطل.وهنا قال ابن عباس: اذهب فقد أفتيت نفسك.
قصة السؤال الصعب
جاء شيخ كبير إلى مجلس الإمام الشافعى، فسأله: ما الدليل والبرهان في دين الله؟ فقال الشافعي: كتاب الله.فقال الشيخ: وماذا- أيضا-؟ قال: سنة رسول الله. قال الشيخ: وماذا- أيضا-؟ قال: اتفاق الأمة. قال الشيخ: من أين قلت اتفاق الأمة؟ فسكت الشافعي، فقال له الشيخ: سأمهلك ثلاثة أيام. فذهب الإمام الشافعى إلى بيته، وظل يقرأ ويبحث في الأمر. وبعد ثلاثة أيام جاء الشيخ إلى مجلس الشافعي، فسلم وجلس. فقال له الشافعي: قرأت القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات، حتى هداني الله إلى قوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوفه ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا}. فمن خالف ما اتفق عليه علماء المسلمين من غير دليل صحيح أدخله الله النار، وساءت مصيرا. فقال الشيخ: صدقت.