سِرُ النَّجاح
وَمِفْتَاحُ الْخَيْرِ وَالبَركَةِ وَالفَلَاحِ
( كَيفَ تكونُ ناجحاً في أعمالك )
الشيخ الدكتور محمد بن عبد العزيز المسنَد
كما وضحتكم سابقا في الحلقة الأولى انني ساقدم الموضوع ع شكل حلقات فسامحوني ع التاخير نظرا لبعض الظروف....
نبدأ باذن الله تعالى في حلقتنا الثالثة والأخيرة
15/ ليس ذلك إلا للمؤمن :
ليس للكافر حظٌّ في هذه العبادة العظيمة ، فهو يتخبط في ظلمات الكفر والجهل والهوى ، لا يعرف للحياة هدفاً ، ولا لوجوده معنى إلا إشباع شهواته ونزواته الحيوانية ، فحياته أشبه بحياة البهائم ، بل أحقر وأضل ، ضرره أكثر من نفعه ، وموته أفضل من حياته ، وهو وإن حقّق نجاحاً في الظاهر في بعض الأمور ؛ إلا أنه نجاح دنيوي مؤقت سرعان ما ينتهي ويزول ، أما في الآخرة فليس له إلا النار (( مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ * أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )) ( هود : 15- 16 )
أما المؤمن فله شأن آخر ؛ عرف الله فآمن به وبقضائه وقدره ، فإذا همّ بأمر من الأمور ، أو خفى عليه وجه الصواب فيها ؛ وقف بين يدي ربه خاشعاً متطهراً ، يستخيره طالباً منه الهداية والتوفيق والسداد ، فإذا فرغ من صلاته مضى في طريقه مستعيناً بالله متوكلاً عليه ، راضياً بقضائه وقدره ، موقناً بأن الله على كل شيء قدير ، وأنه بكل شيء عليم ، وأن الخيرة فيما اختاره الله ، وإن لم يتبين له ذلك على الفور ، فيختار الله له كل خير ، ويصرف عنه كل شر ، فيسير في هذه الحياة على نور من الله وهدى ، ويحقق – بإذن الله – نجاحاً منقطع النظير ؛ ليس نجاحاً دنيوياً فحسب ، بل نجاحاً دائماً في الدنيا والآخرة .
16/ ما قبل الاستخارة :
يشرع للمسلم قبل الاستخارة أن يستشير أحبابه ومن يثق من العلماء والأساتذة وطلاب العلم ، وغيرهم من أهل الخبرة والاختصاص والمعرفة ، قال تعالى مخاطباً نبيه المؤيد بالوحي : (( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ )) ، فالاستشارة عين الهداية ، وقد خاطر من استبّد برأيه .
وفي ذلك قالت العرب : الرجال ثلاثة ؛ فرجل رجل ، ورجل نصف رجل ، ورجل لا رجل ، فأما الأول فهو الذي له عقل ويستشير ، وأما الثاني فهو الذي له عقل ولا يستشير ، وأما الثالث فهو الذي لا عقل له ولا يستشير .
قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : المشورة والمناظرة بابا رحمة ، ومفتاح بركة ، لا يضل معهما راي ، ولا يفقد معهما حزم .
وقال الفضيل : المشورة فيها بركة ، وإني لأستشير هذه الحبشية الأعجمية .. يعني جاريته .
وقال بعض الحكماء : المشورة مع السداد ، والسخافة مع الاستبداد .
وورد في الأثر : لا خاب من استخار ، ولا ندم من استشار .
وجاء في منثور الحكم : من شاور الناس شاركهم في عقولهم .
ومما قاله الشعراء :
شاور سواك إذا نابتك نائبةٌ يوماً وإن كنتَ من أهل المشوراتِ
فالعينُ تنظُرُ منها ما دنا ونأى ولا ترى نفسَها إلا بمرآةِ
وقال آخر :
لا تستشرْ غيرَ ندبٍ حازمٍ فطنٍ قد استوى منه إسرارٌ وإعلانٌ
فللتدابير فرسانٌ إذا ركضوا فيها أبَرُّوا كما للحربِ فرسانٌ
وبعد ؛ أخي المسلم .. أختي المسلمة
فإن الاستخارة هي خطوة أساسية في طريق النجاح ؛ بل التوفيق والفلاح في الدنيا والآخرة بإذن الله ، ولكن لا بد معها – إن لزم الأمر – من خطوات أُخَر من تخطيط وتنظيم واستشارة ، واستفادة من تجارب الآخرين ، وفعل ما يمكن فعله من الأسباب الشرعية المباحة دون حاجة إلى التعلق بالمخلوقين .
فإذا صدق العبد في استخارته وتوكله على الله ؛ يسّر الله له جميع الأسباب ، وفتح له جميع الأبواب ، وكلما أغلق في وجهه باب فُتح له باب آخر حتى يصل إلى ما قدَّره الله له من خير .
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم .
أخي المسلم ..
عليك الاستخارة في الأمور كلها ...
أخي التاجر : قبل أن توقّع عقداً ، أو تعقد صفقة ، أو تفتح محلاً ، أو تستقدم عمَّالاً ، أو تنشيء مشروعاً ... عليك بالاستخارة .
أخي الموظف : قبل أن تتقدم إلى وظيفة أو تنتقل إلى أخرى ، أو تشك في عملك ولا تدري بقاؤك فيه خير أم لا ... فعليك بالاستخارة .
أخي الطبيب : قبل أن تتخصص في قسم من الأقسام أو تنتقل من مستشفى إلى آخر ، أو تفتح عيادة ، أو تجري عملية ، أو تصف دواءً تخشى ضرره ... فعليك بالاستخارة ..
أخي المريض : قبل أن تدخل مستشفى ، أو تُجري عملية ، أو تخلع سناً ، أو تقطع عضواً ، أو تستعمل دواءً تخشى ضرره ، أو تسافر لعلاج ونحوه .. فعليك بالاستخارة .
أخي الأب المسلم : قبل أن تشتري بيتاً أو آلة أو جهازاً ، أو تنتقل من بيت إلى آخر ، أو تستقدم سائقاً أو خادمةً ، أو تشتري لابنك سيارة ، أو تسافر بأهلك وأولادك في سياحة أو نزهة .. فعليك بالاستخارة .
أختي المسلمة : قبل أن تخرجي من بيتك لغير ما حاجة ضرورية أو تركبي مع سائق أجنبي عنكِ – ولو مع مجموعة من النساء – ( )
أو تفكري في العمل خارج المنزل في أي وظيفة من الوظائف النسائية المباحة ، أو تذهبي إلى سوق أو حديقة أو صديقة ، أو وليمة أو عرس ، أو تشتري مصاغاً أو فستاناً أو تفصّليه بمختلف الأثمان ، أو تقدمي على زواج ، او تسخدمي مانعاً من موانع الحمل ولو برضا زوجك .. فعليك بالاستخارة .
أخي الشاب المسلم : قبل أن تسافر إلى بلد من البلدان لدراسة أو عمل أو سياحة أو غير ذلك ، أو تشتري سيارة ، أو تتقدم لخطبة ، أو تهم بأي أمر من الأمور .. فعليك بالاستخارة .
أخي الطالب : قبل أن تسجل في مدرسة أو تلتحق بجامعة أو كلية ، أو تنتقل منها إلى أخرى ، أو تسجل في قسم من الأقسام ، أو جماعة مدرسية أو رحلة ، أو تفكر في ترك الدارسة لأي سبب من الأسباب .. فعليك بالاستخارة .
خاتمة المطاف :
اعلم – أخي المسلم – حفظك الله أنك إن عملت بما أخبرتك به ، وصدقت مع الله عز وجل ؛ فإنك ستشهد من عظيم قدرة الله عز وجل وسعة علمه ورحمته ما لا يخطر لك على بال ، وحينئذ لن تتمالك نفسك قائلاً من أعماق قلبك :
أشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير ، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
منقول عن:
محمد بن عبد العزيز المسند
ص . ب / 29459 الرياض/ 11457
هـ وفاكس / 2390210
والحمد لله رب العالمين ... وصلى الله على نبينا محمد
لاتنسونا من خااااااااااااااااااااااالص دعااااااااااااااااااااكم
محبكم
المهندس : مناف